قائمة المدونات الإلكترونية

الجمعة، 2 ديسمبر 2011

تغيير موازي

تغيير موازي
      ترددت كثيرا, وقرأت كثيرا قبل أن اشرع في كتابه هذه التدوينة, وفي الحقيقة بعد عدة محاولات فاشلة, قررت شيئا غريبا ليس له علاقة بكل الأفكار التي دارت في ذهني, والأحداث التي فكرت في الكتابة عنها, وها أنا إذ اكتب الآن قُلت عليً آن اتبع قلمي إلى حيث يريد آن يذهب, حُر طليق, لا أُملي عليه ولا يُملي عليً, يتنشق نسائم الحرية المطلقة في قول ما يريد هو آن يقوله ويفصح به لي ولكم لعلي أتعلم منه أنا أيضا .
والحديث على لسان القلم يكتب لأشباهه
      راقبت عن بعد أمواج الحرية تضرب جذور الإنسان وفروعه في عالمي العربي, وإذ إني جزء من هذا المكان فان لي رأيا أحببت في البداية آن احتفظ به لنفسي, لاني لم أجد قلما أخرا أشاركه الحديث عما يدور في بلادنا العربية وإذ احتفظت برأيي هذا لأطول فترة ممكنة بحثا عن قلم أخر أُحاوره وأُشاركه رأيي بكل وضوح وصراحة, فلما تعبت من البحث ولم أجد, قررت آن اكتبه علً قلما أخر يقرأه فيعجبه أو لا يعجبه فيرد عليه أو لا يرد, ليست تلك النهاية, ربما كانت البداية.
       تتفق الروايات على آن البداية كانت عفوية عشوائية, ومن بائع خضار عربي فقير اسمه على اسم أكرم الأنبياء, وفي مدينة عربية تونسية لم يسمع بها احد من قبل غير سكانها في صحراء تونس الخضراء, فقد قرر فجأة هذا الشاب آن ينتصر لكرامته بعد الإهانة بطريقة عجيبة, اثر هذه البداية العجيبة كانت مزلزلة بحيث أطاحت حتى الآن بثلاث طواغيت عرب, واثنين في الطريق, وهزت عروش الباقين بعنف, وحركت الدماء الراكدة في قلوب أكثر من ثلاثمائة مليون عربي, فكسرت حاجز السكون والخوف فالصمت, كل الحواجز تكسرت, فانطلقت الحناجر تصدح مطالبه بحقوقها في الكرامة والحرية والحياة الإنسانية, وقد كان لهم ذلك.
     هذه البداية البسيطة التي فاجأت حتى اعتى أجهزة الاستخبارات العالمية والمحلية على السواء وبنفس القدر من الدهشة كما فاجأت المواطن العربي البسيط نفسه حين اكتشف فجأة القوة الكامنة في جوهره, أقول كانت هذه البداية أسطورة 2011 وربما زادت في أسطوريتها وتداعياتها أحداث أبراج التجارة العالمية وربما تكون نتائجها اكبر بمراحل وعلى العكس تماما من نتائج غزوة مانهاتن, فمن نتائج غزوة مانهاتن احتلال دولة عربية وأخرى إسلامية, إما من نتائج أسطورة البوعزيزي فقد تحررت شعوب عربية بأكملها من اعتى طغاتها.
   في المقابل اجتمعت كل وزارات الداخلية العربية, وكل أجهزة الاستخبارات وكل وزارات الإعلام لتقنع المواطن العربي المغلوب على أمره آن ما يحدث ما هو إلا مجرد مؤامرة من الغرب وأمريكا لإعادة احتلال الوطن, واستعمار خيراته, وعملت بكل قوتها العسكرية والإعلامية على إجهاض حلم المواطن العربي في التحرر من الظلم والعبودية والاحتلال معا, ولكن من يمنع أمرا كان مفعولا بإرادة الله, أن آن الأوان لتتحرر الشعوب العربية وتتنشق نسائم الحرية والعدل وتنتقم من طغاتها وجلاديها.
     و على مستوى وطني وشعبي الضعيف, الجريح, المُفكك, تجثم هناك المشاكل رابضة كالجبال على صدور البشر والحجر, فبعد أكثر من عشرة سنوات على الانتفاضة المستمرة  ضد الاحتلال, استخدم فيها الصهيوني كل أساليب القتل والفتك, والإرهاب بحق الشعب الفلسطيني المستضعف في الأرض, وارتكب على مدى عشرة سنوات مستمرة جرائم و مجازر منظمة, استُشهد فيها ما يقارب على خمسة آلاف شهيد بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى والمساجين.
        وبعد استنزاف كافة قوى الشعب في هذه الحرب المفتوحة, واستشهاد معظم القادة الشرفاء في الانتفاضة وسجن الباقين فيما بعد, ابتلانا الله بقيادة مُستهلكة سياسيا, تزيد من أعباء هذا الشعب وتزيد من مشاكله تعقيدا بخياراتها السياسية الكارثية, وعدم قدرتها على الاستفادة من التضحيات العظيمة التي قدمها ويقدمها الشعب على مدى عشرة أعوام من عمر الانتفاضة, ومما يزيد من تكريس فشل هذه القيادة ( كل المسئولين عن الوضع الحالي في شقي الوطن من الرؤساء والحكومتين وقيادات الأحزاب وأعضاء التشريعي, لا استثني أحدا) أقول مما زاد من تكريس فشل هذه القيادة أنها أضاعت تاريخ وتضحيات ونضال شعبنا العظيم في صراعها العبثي (يا للعار) على سلطة غير موجودة , وعدم قدرة السياسيين على التوحد وإنهاء هذا الانقسام البذيء رغم وحدة الدم الذي يجمع المقاتلين والمتقاتلين في كل غارة ومجزرة ترتكبها إسرائيل الإرهابية هنا أو هناك.
     وإذ أرى آن الشعب الفلسطيني هو مكون عربي أساسي ويقع في القلب من كل مواطن عربي, فحتما آن ما يحدث في بلاد العرب يؤثر بشكل مباشر علينا, وإذ كلي أمل بالشباب وأنا واحد منهم آن نُحسن قراءة المتغيرات عند إخواننا العرب, وندرك قيمة الحرية والعدالة الاجتماعية التي تطالب بها هذه الثورات الكريمة, وتسعى لتحقيقها, ندرك انه يتحتم علينا في فلسطين آن نُحدث تغيرا موازيا يُجاري التغير الحاصل عند جيراننا العرب, اقله آن تخرج قيادة شرعية جديدة غير مبتذلة سياسيا, أو مُستهلكة إعلاميا يكون همها الوحيد هو تحقيق أهداف وآمال هذا الشعب, وتستطيع آن تُغير قواعد اللعبة السياسية مع العدو, دون التعرض للابتزاز السياسي والاقتصادي الذي تمارسه إسرائيل الإرهابية بكل وقاحة على القيادة الحالية سواء كانت في الضفة أو غزة.
     واجبي, واجب القلم, كل قلم شاب, وكل من يكتب بقلب وعقل ولسان الشباب, آن ندعو ونعمل من اجل إحداث التغير الموازي في القيادة السياسية للشعب الفلسطيني, آن نسقط الانقسام بيننا إلى الأبد. ونُسقط كل رمز من رموز الانقسام مهما عظم شأنه, لا أيديولوجيات إلا حب الوطن.